قواعد المسلكيّة الثوريّة
مقدمـــة
تعتمد الحركات الثورية بخطوطها الجماهيرية و السياسية و التنظيمية و العسكرية على قناعتين راسختين لدى اعضائها0 الأولى هي الإيمان بحتمية النصر .
و الثانية هي الاستعداد للتضحية . إنّ تحول النظريات الثورية بمنطلقاتها و أهدافها و أسلوبها إلى قناعات يمارسها الأعضاء عن تفهم و وعي هو الذي يرسم الخط الأول الذي ينطلق منه مقياس النقد . فالخطأ المسلكي هو ممارسة العضو المتناقضة مع قناعاته التي تحددها النظرية . و بما أن معرفة النظرية ليست حكرا على العضو فإن الخطأ المسلكي يتطلب من العضو نقدا لذاته لتصرفه عكس قناعاته ، أو يتطلب من الأعضاء الآخرين نقده
لتصرفه عكس قناعاتهم ( التي هي قناعاته ) ، عكس النظرية الثورية التي يؤمنون بها
. و تبرز في الحركات الثورية نماذج من المسلكيات التخريبية و الانتهازية و التطهيرية الى جانب المسلكية الثورية0فالمسلكية التخريبية هي تلك التي تؤدي نتائجها الى تقويض الحركة الثورية و تحطيمها سياسيا و تنظيميا و عسكريا سواء أكانت موجهة للجماهير أو داخل الحركة الثورية . و في هذه المسلكية تكون محصلة الممارسات للعضو المخرب رغم محاولات تغليفها تصب في اتجاه تدمير الحركة الثورية . و المسلكية التخريبية إما أن تكون مقصودة وإما ان تكون غير مقصودة . و يختلف اسلوب معالجة الحالتين رغم امكانية تطابق نتائجهما . وتكون المسلكية التخريبية مقصودة عندما يكون العضو في الحركة الثورية مدسوسا من جهة معادية للحركة سواء بدوافع و قناعات معنوية أو ماديّة . أو عندما تتولد لدى العضو طموحات ذاتية غير مشروعة فيعمل على خلق مركز قوى أو تجمع كخطوة أولى نحو الإنشقاق . أما المسلكيّة التخريبية غير المقصودة ، فهي التي قد يمارسها الأعضاء في المستويات المختلفة و ذلك عن جهل أو تطرف أو استسلام لنزعة التصرفات الطائشة . إن موقف الحركة الثورية من المسلكية التخريبية يجب يكون حازما و حاسما مهما كانت ردود الفعل الآنية 0 لأن التغاضي عن الأخطاء الكبيرة و حمايتها لا يتم الاّ من ذوي نفس النزعة و الاتجاه و لهذا فإن على الحركة الثورية أن تضرب بيد من حديد على كلّ الندسين في صفوفها و أن تصفيهم دون رحمة 0أما المسلكية الانتهازية فإنها تعبر عن نفسها في الحركات الثورية بمظاهر عدّة 0 و لكنّها تنطلق أساسا من انفصام في القناعتين الأساسيتين ( الإيمان بحتمية النصر و الاستعداد للتضحية ) لدى العضو 0إنّ الانتهازي يرتبط بالحركة الثورية عن إيمان بحتمية النصر المرحلي خاصة و بما سيعود عليه من فائدة و منفعة شخصية نتيجة تحقيق النصر 0 ولكنّه في الجانب الآخر غير مستعد لأن يدفع أيّ ثمن فعلي أو تضحية حقيقية ، حيث أنّها تتعارض مع تكوينه النفسي المغرق في الذاتية و الأنانية 0 إن الدوافع للمسلكية الانتهازيّة إما أن تكون دوافع ماديّة ، أو تطلعات لمواقع المسؤوليّة دون تقديم تضحيات تذكر ، وهي ما يعتبر في الحركات الثورية طموحات غير مشروعة 0إن اخطر ما تعانيه الحركة الثورية هو وصول النوعية الانتهازية من الأعضاء إلى مواقع المسؤولية صاحبة القرار ، حيث تظهر ميولها النفسية للاكتفاء بالنصر الشكلي على حساب الهدف المبدئي ، و هو ما يعرف بالانتهازية اليمينية التي تساوم على الهدف الآجل في سبيل المنفعة الذاتية العاجلة كما تظنها 0 و تظهر في الحركات الثورية نزعات انتهازية يسارية تزايد على الهدف العاجل في سبيل المنفعة الذاتية الآجلة 0 و هذه النزعة الانتهازية تجد مكانها الحقيقي في صفوف الحركة الثورية على كافة المستويات 0و يتميز الأعضاء التطهيري ونفي الحركات الثورية بأن مدى استعدادهم للتضحية يكون بقدر ما يرونه من إمكانية النصر 0 وهم يتحولون إلى ثوار حقيقيين عندما يصلون بقناعة راسخة إلى الإيمان بحتمية النصر 0 و الأعضاء التطهيريون يعجزون عن استخدام النهج العلمي لتحليل الأحداث 0 فهم يرون الأمور من جانب واحد و يتأثرون بسرعة شديدة و تنقل مواقفهم من الحياد إلي الإيجاب و لكنها لا تصل إلى الانتهازية و السلبية 0 و المسلكية التطهيرية تنبع من النزعات الرومانسية لدى بعض الأعضاء و الني تعبر عن نفسها بالابتهاج الشديد لأقل انتصار أو إنجاز و التشاؤم لأقل عقبة أو صعوبة ، و الوقوف عند الأخطاء و الممارسات الانتهازية و عدم القدرة على تجاوزها بالعمل المستمر و بالنضال ضدها 0 و لذلك فإن التطهيريين لا يستطيعون التعايش مطلقا مع الانتهازيين 0 و لأن الانتهازيين ينطلقون نحو مصالح ذاتية فإنهم اقدر على التشبث بممارساتهم و طرد التطهيريين من صفوف الحركة الثورية0إن المسلكيات التخريبية و الانتهازية لا تلجمها و تخرجها من حيز التأثير الفعلي عن مسيرة الحركة الثورية إلا المسلكية الثورية 0 كما وان المسلكية التطهيرية تتحول بفضل الممارسات الثورية و المهمات النضالية إلى مسلكية ثورية تطرد الانتهازيين بدل أن تظل تطهيرية يطردها الانتهازيون 0إن دور النقد و النقد الذاتي الفاعل يعتمد على ممارستهما من قبل الأعضاء الثوريين الذين لا يجدون غضاضة أو انتقاصا من ثورتهم إذا هم اعترفوا بأخطائهم بشجاعة 0وهم ينتقدون مسلكيات غيرهم بنفس الشجاعة و الصراحة 0آن المقياس الإيجابي للمسلكية الثورية هي أن يضع دليلا للممارسات الصحيحة فيصبح الخروج عن هذا المقياس وقوعا في المسلكيات الخاطئة التي يتوجب نقدها 0ان للمسلكية الثورية مظاهر لا تعد و لا تحصى 0ان كل فعل ثوري إيجابي يشكل مظهرا صادقا للمسلكية الثورية0يعتمد مقياس النقد في الحركات الثورية على و ضوح و معرفة المسلكيات الثورية في المجالات الجماهيرية و السياسية و التنظيمية و العسكرية كما إن متطلبات المسلكيات الخاصة بالقيادات و الكوادر المسؤولة ،تجعل منها اكثر حرصا على التمسك التام بقواعد المسلكية الثورية التي يتحكم فيها دائما الترسيخ العميق المطلق لقناعتين أساسيتين و هما – الايمان بحتمية النصر مهما حلكت الظروف و تكدست الصعاب –و الاستعداد الدائم و المطلق للتضحية مهما غلت و تتحكم منطلقات النقد بقواعد المسلكية الثورية في المجالات المختلفة 00فخط الجماهير هو الذي يحكم
12:26
3asefa